إن هذا الموقع الإلكتروني يهدف إلى إلقاء ضوء جديد على التقويم القمري الهجري (التقويم الإسلامي). حيث أنه قد أصبح من الممكن تماما بفضل الأساليب والوسائل الفلكية الحديثة أن ننشئ مسبقا ولعـقـود من السنوات جداول التقويم الزمني الشرعي التقديري لكل بلد من بلدان العالم على وجه الخصوص.

وإنه من بين جميع التقاويم الزمنية في العالم، فإن تقويم مكة المكرمة يعتبر هو التقويم الشرعي الأكثر أهمية، وذلك لما له من تأثير واضح وأكيـد على حياة الملايين من الحجاج في جميع أنحاء العالم، حيث أن تحـديد الموعد السنوي للحج الأكبر – الحج إلى بيت الله الحرام- إنما يخضع للتقـويم الزمني الشرعي الدقـيق الخاص بهذه المدينة المقدسة. ومن هنا فإنه من الضرورة بمكان أن نعمل أولا على إنشاء الجداول الزمنية الخاصة بالتقويم الشرعي الدقيق لمدينة مكة المكرمة.

ونحن في عملنا هذا لا بد لنا أن نأخـذ بعـين الاعتبار الحاجة الضرورية لرصد الهلال المولود حديثا ومراقبته بعـد غـروب الشمس، من أجل الحكم ببداية الشهـر القمري الجـديد عند التحقق من رؤية الهلال. وإن مفهـوم ” منطقـة الرؤية الممتدة أو الموسعة ” يعـتمد كل الاعتماد على المجال الزمني الذي يفصل بين ساعة غروب الشمس وساعة دخول وقت صلاة الفجر في مكة المكرمة عند كل ولادة للهـلال الجـديد. وإن هذا الفاصل الزمني كما يسمح لنا بمراقـبة السماء ورصد الهلال في مكة المكرمة ذاتها، فإنه يسمح لنا أيضا بمراقبة السماء في كل مكان غرب مكة المكرمة. ولكن إلى أي مدى يمكن أن نستمر في الرصد والمراقـبة ؟ والجواب البديهي: إننا نستمر في الرصد والمراقبة حتى دخول وقت صلاة الفجر في مكة الكرمة ذاتها. وهذا هو مفهـوم ” الرؤية الممتدة أو الموسعة “. وهـو مفهـوم مبني على استخدام منحنيات وضوح رؤية الهلال، وهي منحنيات موثـوقـة جـدا، ويمكن الاعتماد عليها بكل اطمئنان لأنها تمكـننا – وبدرجة عالية من الدقة – من تقـدير أول وقـت لوضوح رؤية الهلال الجديـد. ونحن ننشـر باستمرار في معرض الصور من موقعـنا صور الأهلة عند ولادة كل هلال جديد، مما يشهـد على مدى جـديّـة تقــديـراتنا ومصداقـية حـساباتـنا، ويـدل – بما لا يقبل الشك والجدل – على ميلاد الهلال ووجوده المادي في السماء.

إن هذه الطريقة المنهجية التي قمنا بتطويرها وتحسينها على مـرّ السنين من أجل إنشاء التقـويم الشرعي الخاص بمكة المكرمة يمكن تعـميمها بكل يسـر وسهولة على أي مكان آخر على وجه الأرض، حيث تكون بداية الشهـر القمـري الجديـد في اليوم التالي من اليـوم الذي يمكن فيه رؤية الهلال الجديد عند غروب الشمس في المكان المعني ذاتـه، أوفي أي مكان بالغـرب منه قبل وقت صلاة الفجـر في ذلك المكان المعني، وهـذا ما يسمح لنا أن نقوم بتحديد بداية أي شهـر قمـري بالنسبة لكل بلـد في العالم، على مدار الاثني عشر شهرا من شهور السنة الهجرية.

ومن الآن فصاعدا، فإن موقعـنا هذا لن يقتصر على نشـر المنحنيات التقديرية لوضوح رؤية الهلال فحسب، ولكنه بالإضافة إلى ذلك سينشـر شهرا بعد شهر جداول التقويم الزمني الشرعي المحدد لكل بلد من بلدان العالم. غـير أن هذا لا يعـني إطلاقا أننا سنقـوم بتقديم تقـويم قمـري موحـد بشكل تعـسفي أو تحايلي. كلا! بل إن التقويم الذي سنقدمه سيكون تقـويما متوافقا تماما مع مبادئ الشريعة الإسلامية وضوابطها، بالإضافـة إلى كونه تقويما أمينا ودقيقا للغاية. وإن رغـبتنا لعظيمة جدا من خلال عـملنا هـذا أن نحقق الخضوع والامتثال التام بكل ورع وحـزم لإرادة الخالق سبحانه وتعالى، مستنيرين بضوء المعارف العلمية التي نسعى جهدنا إلى الاستفادة الكاملة منها.

الرجاء انقـر هنا لقـراءة التفاصيل المتعلقـة بمنهجنا وأسلوبنا.

التقويم الإسلامي الهجري لمختلف بلدان العالم
الإشكالية: خصوصيات التقويم الإسلامي
country specific islamic calendarمن أجل أن يتم إعداد التقويم الإسلامي الهجري، بحيث يكون – على حد سواء- صارما ودقيقا من الناحية العلمية، ومنضبطا وأمينا من الناحية الشرعية، فمن الضروري أن نأخذ في وقت واحد بعين الاعتبار، كُلاًّ من تعاليم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهديه، والخصائص الفلكية الدقيقة.

 الخصائص الفلكية
يعتبر التقويم الإسلامي الهجري حصريا تقويما قمريا، أي أنه تقويم يتبع حركة القمر ودورانه حول الأرض مع مراعاة موضعه بالنسبة للشمس.

الشهـر الاقـتراني، وهو يعـني المدة الزمنية التي يستغـرقها القمـر خلال دورته حول الأرض حتى يعـود إلى ذات الموضع بالنسبة للشمس، وهو يـساوي 29.53 يوما. وعليه فإن مـراحل القـمـر وأطواره – وبالتالي التقـويم الهجري – ترتبط ارتباطا وثيقا بالشهـر الاقـتراني.

وللتذكير، فإن الشهـر الفلكي، وهو يعـني المدة الزمنية التي يستغـرقها القمـر خلال دورته حول الأرض حتى يعـود إلى ذات الموضع بالنسبة للكرة السماوية (أي الخلفـية النجمية)، وهو يساوي 27.31 يوما. أي أن الشهر الفلكي أقصر قليلا من الشهـر الاقـتراني، وذلك لأن الأرض تقوم بجذب القمر معها في مدارها حول الشمس. ولذلك فإن القمر يعـود إلى موقعه بالنسبة إلى الخلفية النجمية بشكل أسرع من عودته إلى موضعه بالنسبة للشمس. بـيـد أنـه لا أهـمـيـة للشهـر الفلكي بالنسبة للتقـويم القـمـري.

إن الطول الزمني للشهـر الاقـتراني هو عـدد كـسري (أي رقم غير صحيح) من الأيام. ونتيجة لذلك فإن الأشهـر القمرية تتناوب – من شهر إلى شهر- بين 29 يوما و30 يوما. ومن المعروف أنه خلال دورة 30 سنة من التقويم القمري الإسلامي، يكون فيها 19 عاما من 354 يوما (أي سنة بسيطة)، و11 عاما من 355 يوما (أي سنة كبيسة). وهذه الوتيرة تـتـبع الدورات القـمـرية، وهذا هو المنوال الذي تسير عليه الساعـة الكونية كما أنـشأها الله تعالى، ورتبها بقدرته وعلمه.

مـواقـيت الصـلاة مقـدمــة
 ملاحظات استهلالـية
تهـتم كـثير من المواقع الإلكترونية بنشر أوقات الصلاة ليستخدمها المواظبون عليها، ولكن عـدم المعرفة الجيدة بالأحكام الفقهية لدى كثير من الناشرين ينتـج عنه إصدار مواقيت غـير دقيقة. بَيْـد أنّ سيد خالد شوكت – وهو مؤلف موقع “www.moonsighting.com”- قد قام بإجراء دراسة معـمقة للمعايير التي تقـود إلى وضع برنامج دقيق لحساب أوقات الصلوات اليومية. وسنعـتمد على تعاريفه في عـرض مواقـيت الصلاة على موقعـنا هذا، اللهم إلا في بعض الحالات الاسـتـثـنائـية.

على أنه من المفـيد للقارئ المتمكـن من اللغة الإنجلـيزية أن يراجـع الفقـرة المسماة « كيف نحـسـب ؟» في قـسم « أوقـات الصلاة » على الموقع المذكور أعلاه.

تعـريف موجـز بمـواقـيت الصلوات الخمس
الفـجـر: أول صلاة في اليوم تكون في وقت الفجر وفي التقاليد الإسلامية نفـرق بين نوعـين من الفجـر فعـندما يظهر الضوء الأول في الأفق، ويكون عموديا، ( مثل ذَنَـبِ السِّرحان – أي كـذيل الذئب – كما جاء في السنة) وبعـدما يختفي هذا الضوء الأول، يظهر ضوء النهار المولود ممـتـدا على الأفق. أمّا الفجـر الأول فيسمى « الفجر الكاذب » أو الفجر المستطيل، وأمّا الثاني فيسمى « الفجر الصادق » أو الفجر المستطير.
وتصلى صلاة الفجر عند الفجر الثاني، أي الفجر الصادق.
لكن – وكما سنرى لاحقا- هناك تعديلات يجب أن تقع فيما يخص خطوط العرض المرتفعة، حيث يختفي عندها ضوء النهار صيفا، ولا يظهر شـتاء.
الظهـر: وهي صلاة منتصف النهار، ويبدأ وقـتها عند زوال الشمس عن نقطة الأوج وهي أعلى نقطة تصلها الشمس في السماء، وتصلى الظهر بعـد 5 دقائق من تواجـد الشمـس في كـبـد السماء.

العـصـر: وهي صلاة منتصف ما بعد الزوال، ويحـدد وقت هذه الصلاة من خلال قياس طول ظل عمود مغروس في الأرض. وحسب المذاهـب الإسلامـية الأساسـية – المالكية والشافعية والحنبلية والحنفية والجعفرية (الشيعة) – تختلف طريقة حساب طول الظل بالنسبة لطول العمود، ( وتتراوح عوامل التقدير من واحد إلى اثنين). وسَنُفَصِّل لاحِـقا هذه الاختيارات. علما أن كل هذه الآراء الفقهية شرعية، وتستحق الاحترام. ونحن نتـرك للمستعملين اختيار المدرسة الفقهية التي يتبعونها.

المغـرب: وهي الصلاة التي تكون عند مغيب الشمس، ولكن هنالك عوامل فيزيائية كالانكسار، و أخرى مادية كعلو العمارة أو اتساع المدينة، قد تجعل من المغرب تصلى 3 دقائق بعد وقت غروب الشمس كما تنشره الجـرائـد والتقاويم الفلكية. وفي التقلـيد الشيعي يكون المغـرب بعد 17 دقيقة من الغـروب النظري للشمس. ولكننا لم نعتمد في جداولنا إلا على الخيار الأول، أي أن تكون صلاة المغرب بعد 3 دقائق من غروب الشمس.

العـشاء: وهي الصلاة المرتبطة بالشفق، وكما هو الحال في الفجر، فإن التقاليد الإسلامية تعطي وقتين للشفق، أي أن هناك شفقين.

فبعـد غـروب الشمس تشتعـل السماء بلون أحمر، وهذا ما يسمى « الشفق الأحمر»، ثم تختفي الحمرة لتترك بدلا عنها بياضا في السماء، وهو ما يسمى « الشفق الأبيض». ومدة ظهور وبقاء هذين الشفقـين تزيـد الزيادة في خطوط العرض، والمدارس الإسلامية الأساسية تحـدد وقت صلاة العشاء بغياب الشفق الأحمر أو بغياب الشفـق الأبيض، وكل من التَّقْـلِيدَيْن شَـرْعِيّ، وسنترك الاختيار للمستعمل كما فعـلنا مع صلاة العصر.

وكما هو الحال في صلاة الفجر فإن وقت صلاة العـشاء يتطلب تعـديلا فيما يختص بخطوط العـرض المرتفعة والتي لا يختـفي فيها الشفق الأبيض صيفا ويمكننا أن نستعمل دمجا للشفقين الأبيض والأحمر، ونسميه الشفق العام، كما يمكن أن نستعمل طرقا أخرى تحظى بالقـبول لـدى الأمـة الإسلامية. وسنفـسـر هذه الطرق فيما بعـد.

نقطة أخـيرة: في الوقت الذي حددت فيه أوقات الصلوات بالنسبة للظهر والعصر والمغرب بدقة كبيرة في القرآن والسنة مما يسمح بصياغتها بطريقة رياضية دقيقة، فإن الأمر يختلف بالنسبة لصلاتي الفجر والعشاء، ذلك أن وصف أوقاتها في القرآن والسنة يترك مجالا للتأويل، وبالتالي لصياغات مختلفة. وسنفـسر فيما بعـد الطريقة التي تبنيناها في حـساب الوقـت لكل صلاة منهما.