مواقيت الصلاة
I. ملاحظات استهلالـية
تهـتم كـثير من المواقع الإلكترونية بنشر أوقات الصلاة ليستخدمها المواظبون عليها، ولكن عـدم المعرفة الجيدة بالأحكام الفقهية لدى كثير من الناشرين ينتـج عنه إصدار مواقيت غـير دقيقة. بَيْـد أنّ سيد خالد شوكت – وهو مؤلف موقع “www.moonsighting.com”- قد قام بإجراء دراسة معـمقة للمعايير التي تقـود إلى وضع برنامج دقيق لحساب أوقات الصلوات اليومية. وسنعـتمد على تعاريفه في عـرض مواقـيت الصلاة على موقعـنا هذا، اللهم إلا في بعض الحالات الاسـتـثـنائـية.
على أنه من المفـيد للقارئ المتمكـن من اللغة الإنجلـيزية أن يراجـع الفقـرة المسماة « كيف نحـسـب ؟» في قـسم « أوقـات الصلاة » على الموقع المذكور أعلاه.
II. تعـريف موجـز بمـواقـيت الصلوات الخمس
الفـجـر: أول صلاة في اليوم تكون في وقت الفجر وفي التقاليد الإسلامية نفـرق بين نوعـين من الفجـر فعـندما يظهر الضوء الأول في الأفق، ويكون عموديا، ( مثل ذَنَـبِ السِّرحان – أي كـذيل الذئب – كما جاء في السنة) وبعـدما يختفي هذا الضوء الأول، يظهر ضوء النهار المولود ممـتـدا على الأفق. أمّا الفجـر الأول فيسمى « الفجر الكاذب » أو الفجر المستطيل، وأمّا الثاني فيسمى « الفجر الصادق » أو الفجر المستطير.
وتصلى صلاة الفجر عند الفجر الثاني، أي الفجر الصادق.
لكن – وكما سنرى لاحقا- هناك تعديلات يجب أن تقع فيما يخص خطوط العرض المرتفعة، حيث يختفي عندها ضوء النهار صيفا، ولا يظهر شـتاء.
الظهـر: وهي صلاة منتصف النهار، ويبدأ وقـتها عند زوال الشمس عن نقطة الأوج وهي أعلى نقطة تصلها الشمس في السماء، وتصلى الظهر بعـد 5 دقائق من تواجـد الشمـس في كـبـد السماء.
العـصـر: وهي صلاة منتصف ما بعد الزوال، ويحـدد وقت هذه الصلاة من خلال قياس طول ظل عمود مغروس في الأرض. وحسب المذاهـب الإسلامـية الأساسـية – المالكية والشافعية والحنبلية والحنفية والجعفرية (الشيعة) – تختلف طريقة حساب طول الظل بالنسبة لطول العمود، ( وتتراوح عوامل التقدير من واحد إلى اثنين). وسَنُفَصِّل لاحِـقا هذه الاختيارات. علما أن كل هذه الآراء الفقهية شرعية، وتستحق الاحترام. ونحن نتـرك للمستعملين اختيار المدرسة الفقهية التي يتبعونها.
المغـرب: وهي الصلاة التي تكون عند مغيب الشمس، ولكن هنالك عوامل فيزيائية كالانكسار، و أخرى مادية كعلو العمارة أو اتساع المدينة، قد تجعل من المغرب تصلى 3 دقائق بعد وقت غروب الشمس كما تنشره الجـرائـد والتقاويم الفلكية. وفي التقلـيد الشيعي يكون المغـرب بعد 17 دقيقة من الغـروب النظري للشمس. ولكننا لم نعتمد في جداولنا إلا على الخيار الأول، أي أن تكون صلاة المغرب بعد 3 دقائق من غروب الشمس.
العـشاء: وهي الصلاة المرتبطة بالشفق، وكما هو الحال في الفجر، فإن التقاليد الإسلامية تعطي وقتين للشفق، أي أن هناك شفقين.
فبعـد غـروب الشمس تشتعـل السماء بلون أحمر، وهذا ما يسمى « الشفق الأحمر»، ثم تختفي الحمرة لتترك بدلا عنها بياضا في السماء، وهو ما يسمى « الشفق الأبيض». ومدة ظهور وبقاء هذين الشفقـين تزيـد الزيادة في خطوط العرض، والمدارس الإسلامية الأساسية تحـدد وقت صلاة العشاء بغياب الشفق الأحمر أو بغياب الشفـق الأبيض، وكل من التَّقْـلِيدَيْن شَـرْعِيّ، وسنترك الاختيار للمستعمل كما فعـلنا مع صلاة العصر.
وكما هو الحال في صلاة الفجر فإن وقت صلاة العـشاء يتطلب تعـديلا فيما يختص بخطوط العـرض المرتفعة والتي لا يختـفي فيها الشفق الأبيض صيفا ويمكننا أن نستعمل دمجا للشفقين الأبيض والأحمر، ونسميه الشفق العام، كما يمكن أن نستعمل طرقا أخرى تحظى بالقـبول لـدى الأمـة الإسلامية. وسنفـسـر هذه الطرق فيما بعـد.
نقطة أخـيرة: في الوقت الذي حددت فيه أوقات الصلوات بالنسبة للظهر والعصر والمغرب بدقة كبيرة في القرآن والسنة مما يسمح بصياغتها بطريقة رياضية دقيقة، فإن الأمر يختلف بالنسبة لصلاتي الفجر والعشاء، ذلك أن وصف أوقاتها في القرآن والسنة يترك مجالا للتأويل، وبالتالي لصياغات مختلفة. وسنفـسر فيما بعـد الطريقة التي تبنيناها في حـساب الوقـت لكل صلاة منهما.
III. نقـاش مفـصـل خاص بخطوط العرض إلى غاية 55 درجة شمالا وجنوبا
هـناك اعتبارات عديدة تتقاطع في تحديد وقتي صلاتي الفجر والعشاء، مع ذلك – ولوضوح العرض- فضلنا أن نقدمهما في فقرتين منفصلتين.
وفضلا عن ذلك، فإن حساب ساعات مواقيت الصلاة بالنسبة لخطوط العرض العالية فوق 55 درجة شمالا أو جنوبا، لا يمكن أن يكون مماثلا لما دون ذلك من الخطوط. ففي الواقع، فإنه في هذه الخطوط المرتفعة تكون الفترة الزمنية لطول الأيام إما طويلة جدا في الصيف، وإما قصيرة جدا في الشتاء، وأما بالنسبة لخطوط العرض القصوى فإن الشمس لا تغـرب في الصيف مطلقا، كما أنها لا تطلع في الشتاء أصلا. وبالنسبة لهذه الحالات، فإننا بحـثـنا عن قـاعـدة آمـنة، متوافقة مع الشريعة الإسلامية، تمكننا من ضبط ساعات مواقـيت الصلاة أولا، وتعطينا خلال شهـر رمضان فـترات سائغة “معقـولة” للصيام ثانيا. وسنتعرض لبيان حالة خطوط العرض العليا في الفقرة الرابعة IV.
وأما الآن فإننا نشرع في البيان المفصل لأوقات الصلاة الخاصة بخطوط العرض “العادية”.
1.III الفجر أو الصبح
يقـول الله تعالى في القرآن الكريم (في سورة البقرة الآية 187): « وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَـتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثمَّ أَتِمُّـوْا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْـلِ ».
قال عدي بن حاتم، وهو أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم : لما نزلت هذه الآية عمدت إلى عِقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، وجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي الأبيض من الأسود، فغـدوت على رسول الله، فذكـرتُ له ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “… إنـما ذلك سـواد الليــل، وبـياض النهار “.
(صحيح البخاري: 1916)
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” الفجر فجـران ، فجـر يحـرم فيه الطعام – بالنسبة للصائم- (وهو الصبح الصادق أو الفجر المستطير) ، وفجـر يحـل فيه الطعام ( وهو الصبح الكاذب أو الفجر المستطيل) “. (رواه ابن خزيمة والحاكم في المستدرك).
إنّه من الواضح جدا أنّ الصبح الكاذب يوافق مرحلة يكون فيها الضوء عموديا، أما الفجر الصادق فيوافق مرحلة متأخرة يكون فيها الضوء أفقيا، أي ممتدا مع الأفق.
إن بداية صلاة الفجر وكذلك الصوم مرتبطان كما هو بَيـِّـنٌ ارتباطا واضحا بالفجر الصادق في القرآن الكريم والأحاديث وفي أقـوال علماء الأمة.
إن النصوص تـترك هامشا زمنيا نسبـيا فيما يتعلق بوقت أداء صلاة الفجر، فقد روى البخاري وأبو داود وابن ماجه والترمذي : ” أن الرسول صلى الله عليه و سلم صلى الفجر يوما مع بزوغ الفجـر في السماء، ..، وفي الغـد من ذلك أخّـره حتى كانت الأرض شـديـدة الضياء”.
ومن النقاش السابق يمكن أن نستخلص خلاصتين : من جهة يجب أن نبذل كل الجهـد في تحديد وقت الفجر الصادق بالدقة للممكنة؛ حتى نعرف وقت صلاة الفجر. ومن جهة أخرى فإنه من المشروع لنا أن نأخذ بعـين الاعـتبار العـوامل الجغـرافية لخطوط العرض إذا تعذر علينا أن نميز الفجـر الصادق بوضوح.