( تَفْسِيرُالأَلْفَاظِ ) - :
﴿ كَيْدُهُمْ﴾ الْكَيْدُ ضِرْبٌ مِنَ الِاحْتِيَالِ وَقَدْ يَكُونُ مَذْمُومًا وَمَمْدُوحًا وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَذْمُومِ . يُقَالُ كَادَ لَهُ يَكِيدُ أَيِ احْتَالَ عَلَيْهِ لِيُوقِعَهُ فِي الشَّرِّ .
﴿ غَدَوْتَ﴾ أَيْ خَرَجْتَ غَدْوَةً ، وَالْغَدْوَةُ وَالْغَدَاةُ ، السَّاعَاتُ الْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ .
﴿ مِنْ أَهْلِكَ﴾ أَيْ مِنْ بَيْتِكَ.
﴿تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ﴾ أَيْ تُنْزِلُهُمْ فِي مَوَاقِفَ لِلْقِتَالِ . يُقَالُ بَوَّأَهُ الْمَكَانَ أَيْ أَنْزَلَهُ فِيهِ . الْمُرَادُ يَوْمَ أُحُدٍ .
﴿ إِذْ هَمَّتْ﴾ أَيْ إِذِ اعْتَزَمَتْ .
﴿ أَنْ تَفْشَلَا ﴾ أَيْ أَنْ تَجْبُنَا وَتَضْعَفَا مِنَ الْفَشَلِ وَهُوَ ضُعْفٌ مَعَ جُبْنٍ ، يُقَالُ فَشَلَ يَفْشَلُ .
﴿ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا ﴾ أَيْ نَاصِرُهُمَا وَعَاصِمُهُمَا .
﴿ أَذِلَّةً﴾ جَمْعُ ذَلِيلٍ وَهُوَ الْمَقْهُورُ.
﴿ أَنْ يُمِدَّكُمْ﴾ أَيْ يُرْسِلَ لَكُمْ مَدَدًا .
﴿ مُنْزَلِينَ﴾ أَيْ مُهْبَطِينَ مِنَ السَّمَاءِ .
﴿ بَلَى ﴾ حَرْفُ جَوَابٍ تُسْتَعْمَلُ جَوَابًا لِاسْتِفْهَامٍ مُقْتَرِنٍ بِنَفْيٍ نَحْوُ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى . وَتُسْتَعْمَلُ أَيْضًا رَدًّا لِنَفْيٍ، نَحْوُ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّاُر إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً . بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
﴿ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا ﴾ أَيْ مِنْ سَاعَتِهِمْ هَذِهِ ، وَأَصْلُ الْفَوْرِ شِدَّةُ الْغَلَيَانِ ، فَإِنْ قُلْتَ فَعَلْتُ كَذَا مِنْ فَوْرِي كَانَ مَعْنَاهُ فِي غَلَيَانِ الْحَالِ وَقَبْلَ سُكُونِ الْأَمْرِ.
﴿ مُسَوِّمِينَ﴾ أَيْ مُعَلَّمِيَن . مِنَ التَّسْوِيمِ الَّذِي هُوَ إِظْهَارُ سِيمَا الشَّيْءِ . أَوْ مُرْسَلِينَ ، مِنَ التَّسْوِيمِ بِمَعْنَى الِإسَامَةِ وَهُوَ الْإِرْسَالُ.
﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا﴾ أَيْ لِيُنْقِصَ مِنْ أَطْرَافِهِمْ .
﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ ﴾ الْكَبْتُ شِدَّةُ الْغَيْظِ .
﴿ الرِّبَا ﴾ هُوَ رِبْحُ الْمَالِ ، يُقَالُ رَبَا الْمَالُ يَرْبُو رَبَاءً أَيْ زَادَ . وَأَرْبَى الشَّيْءُ عَلَى الشَّيْءِ أَيْ زَاَد عَلَيْهِ.
﴿ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ أَيْ زِيَاداَتٍ مُكَرَّرَةً . وَأَضْعَافًا جَمْعُ ضِعْفٍ ، وَضِعْفُ الشَّيْءِ أَيْمَثَلَاهُ .
( تَفْسِيرُ الْمَعَانِي ) – :
إِنَّ اللهَ يُذْهِبُ بَرَكَةَ الرِّبَا وَيُخْلِفُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً .
ثُمَّ عَادَ إِلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الرِّبَا فَقَالَ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خَافُوا رَبَّكُمْ وَاتْرُكُوا مَا بَقِيَ لَكُمْ مِنَ الرِّبَا فِي ذِمَّةِ النَّاسِ .
فَإِنْ عَصَيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحَارِبُكُمْ وَرَسُولُهُ. وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَاتُظْلَمُونَ.
وَإِنْ كَانَ مَدِينُكُمْ فِي حَالَةِ عُسْرٍ فَأَخِّرُوا مُطَالَبَتَهُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ يُسْرٌ . وَإِنْ تَجَاوَزْتُمْ عَمَّا لَكُمْ عِنْدَهُ فَهُوَ أَحْسَنُ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِ مِنَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ .
وَاحْذَرُوا يَوْمًا سَتَرْجِعُونَ فِيهِ إِلَى رَبِّكُمْ فَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ حِسَابَهَا وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمِ بِدَيْنٍ إِلَى مَوْعِدٍ عَيَّنْتُمُوهُ فَاكْتُبُوهُ فَذَلِكَ أَوْثَقُ وَأَدْفَعُ لِلنِّزَاعِ . وَلْيَكْتُبْ لَكُمْ كَاتِبٌ عَادِلٌ لَا يَجُورُ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ .
( تَفْسِيرُالأَلْفَاظِ ) - :
﴿تُفْلِحُونَ﴾ أَيْ تَفُوزُونَ .
﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ﴾ أَيِ احْذَرُوهَا وَخَافُوهَا .
﴿ أُعِدَّتْ﴾ هُيِّئَتْ .
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾أَيْ إِلَى مَا تَسْتَحِقُّونِ بِهِ مَغْفِرَةً.
﴿ السَّرَاءِ﴾ الرَّخَاءُ .
﴿ وَالضَّرَاءِ﴾ الشِّدَةُ وَالضِّيقُ .
﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ أَيْ الْمُمْسِكِينَ عَلَيْهِ لَا يُمْضُونَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ ، مِنْ كَظَمَ الْقِرْبَةَ يَكْظِمُهَا كَظْمًا أَيْ مَلَأَهَا وَشَدَّ رَأْسَهَا .
﴿ فَاحِشَةً ﴾ أَيْ فِعْلَةً بَالِغَةً فِي الْقُبْحِ . فِعْلُهَا فَحَشَ يَفْحَشُ فُحْشًا ، أَيْ يَقْبُحُ أَشَدَّ الْقُبْحِ .
﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا ﴾ أَيْ وَلَمْ يُقِيمُوا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ .
﴿ خَلَتْ﴾ أَيْ مَضَتْ . وَالْقُرُونُ الْخَالِيَةُ أَيِ الْمَاضِيَةُ
﴿ سُنَنِ﴾ جَمْعُ سُنَّةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ . أَيْضًا الشُّؤُونُ الَّتِي سَنَّهَا اللهُ لِلْأُمَمِ وَهِيَ لَا تَتَبَدَّلُ بِتَبَدُّلِهَا . وَمِنْ مَعَانِي السُّنَنِ الْأُمَمُ أَيْضًا .
﴿ وَلَا تَهِنُوا ﴾ أَيْ وَلَا تَضْعَفُوا . يُقَالُ وَهَنَ يَهِنُ وَهْنًا ، ضَعُفَ فِي الْعَمَلِ وَفِي الْأَمْرِ وَفِي الْبَدَنِ.
﴿ الْأَعْلَوْنَ﴾ جَمْعُ أَعْلَى .
﴿ قَرْحٌ﴾ الْقَرْحُ بِالْفَتْحِ الْجُرْحُ ، وَباِلضَّمِّ أَلَمُ الْجُرْحِ، وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ .
﴿ نُدَاوِلُهَا ﴾ أَيْ نَصْرِفُهَا فَنَجْعَلُ الدُّولَةَ لِهَؤُلَاءِ تَارَةً وَلِأُولَئِكَ تَارَةً أُخْرَى .
( تَفْسِيرُ الْمَعَانِي ) – :
وَلَا يَمْتَنِعْ أَحَدُ الْكُتَّابِ أَنْ يَكْتُبَ لِيَنْفَعَ النَّاسَ كَمَا نَفَعَهُ اللهُ بِتَعْلِيمِهِ الْكِتَابَةَ، وَلْيَكُنِ الْمُمْلِي هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ وَلَا يُنْقِصْ مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا .
فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمْلِلَ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ أَوْ ضَعْفِهِ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ جَهْلٍ فَلْيُمْلِلْ قَيِّمُهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلْيَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ رَجُلَان أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ .
وَإِذَا طُلِبَ الشُّهَدَاءُ لِأَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَمْتَنِعُوا .
وَلَا تَمَلُّوا أَنْ تَكْتُبُوا الدُّيُونَ وَالْحُقُوقَ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً إِلَى مَوَاعِيدِهَا ، ذَلِكُمْ أَعْدَلُ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَقْرَبُ أَنْ لَا تَشُكُّوا ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً تُدِيرُونَهَا يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ مِنْ عَدَمِ كِتَابَتِهَا .
وَإِذَا تَبَايَعْتُمْ فَأَشْهِدُوا شُهُودًا وَلَا تَضُرُّوا الشُّهُودَ والْكُتَّابَ وَاتَّقُوا اللهَ .
( تَفْسِيرُالأَلْفَاظِ ) - :
﴿ وَلِيُمَحِّصَ﴾ أَيْ وَلِيُطَهِّرَ ، أَصْلُ الْمَحْصِ تَخْلِيصُ الشَّيْءِ مِمَّا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ ، يُقَالُ مَحَصْتُ الذَّهَبَ أَيْ أَزَلْتُ عَنْهُ مَا يَشُوبُهُ مِنَ الْخَبَثِ .
﴿ وَيَمْحَقُ﴾ الْمَحْقُ نَقْصُ الشَّيْءِ قَلِيلًا قَلِيلًا .
﴿ وَلَمَّا ﴾ حَرْفُ نَفْيٍ مِثْلُ لَمْ ، إِلَّا أَنَّ نَفْيَهَا يَمْتَدُّ إِلَى زَمَانِ التَّكَلُّمِ .
﴿ أَعْقَابِكُمْ﴾ جَمْعُ عَقِبٍ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ . يُقَالُ انْقَلَبَ عَلَى عَقِبَيْهِ أَيْ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ .
﴿ مُؤَجَّلًا ﴾ أَيْ لَهُ أَجَلٌ أَيْوَقْتٌ مَحْدُودٌ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ .
﴿ وَكَأَيِّنْ﴾ أَصْلُهُ أَيْ دَخَلَتِ الْكَافُ عَلَيْهَا وَصَارَتْ بِمَعْنَى كَمْ وَالنُّونُ تَنْوِينٌ أُثْبِتَ فِي الْخَطِّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ .
﴿ رِبِّيُونَ﴾ جَمْعُ رِبِّيٍّ مَنْسُوبٌ إِلَى الرِّبَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ، فَيَكُونُ مَعْنَى رِبِّيُّونَ أَيْ جَمَاعَاتٌ . وَقِيلَ رِبِّيُونَ بِمَعْنَى رَبَّانِيُّونَ أَيْ عُلَمَاءُ أَتْقِيَاءُ عَابِدُونَ لِرَبِّهِمْ .
﴿ وَهَنُوا ﴾ أَيْ ضَعُفُوا وَجَبُنُوا .
﴿ وَمَا اسْتَكَاُنوا ﴾ أَيْ وَمَا خَضَعُوا لِلْعَدُوِّ . أَصْلُهُ اسْتَكَنَ مِنَ السُّكُونِ ؛ لِأَنَّ الْخَاضِعَ يَسْكَنُ لِصَاحِبِهِ لِيَفْعَلِ بِهِ مَا يُرِيدُ، وَالْأَلِفُ مِنْ إِشْبَاعِ الْفَتْحَةِ .
( تَفْسِيرُ الْمَعَانِي ) – :
وَإِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَلَمْ تَجِدُوا مَعَكُمْ كَاتِبًا فَيَقُومُ مَقَامَ الْكِتَابَةِ رِهَانٌ يُعْطِيهَا الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ ، فَإِنْ كَانَ الدَّائِنُ يَأْمَنُ الْمَدِينَ فَلَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهِ كِتَابَةً وَلَا تَسَلَّمَ مِنْهُ رَهْنًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَخَفِ اللهَ رَبَّهُ . وَإِذَا دُعِيتُمْ إِلَى أَدَاءِ شَهَادَةٍ فَلَا تَكْتُمُوهَا فَإِنَّ كِتْمَانَهَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَاللهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْكُمْ يَعْلَمُ مَا تَعْمَلُونَ .
كُلُّ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَمْلُوكٌ للهِ ، وَسَوَاءٌ أَبْدَيْتُمْ مَا يَجِيشُ فِي صُدُورِكُمْ أَوْ أَخْفَيْتُمُوهُ فَاللهُ مُحَاسِبُكُمْ عَلَيْهِ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَسْتَوْجِبُ الْعَذَابَ .
آمَنَ الرَّسُولُ مُحَمَّدٌ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ، فَهُوَ مُعْتَقِدٌ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِ . وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ آمَنَ باِللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسِلِهِ ، وَقَالُوا سَمِعْنَا أَيْ أَجَبْنَا دَاعِيكَ، وَأَطَعْنَا أَمْرَكَ فَنَطْلُبُ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.