مجمـوعـة المجـرات بـانـدورا

مجمـوعـة بـانـدورا، واسمـها العـلمـي الأكـثر استعمالا هـو أبـيـل 2744 في سـجـل أبـيـل الشامل لمجـمـوعـات المـجـرات، وتعـتبـر مجمـوعـة بـانـدورا من الأشياء الأكـثر إثـارة في هذا الكـون الفـسيح. وقد تـم تشكلها من خـلال عملـية اصطـدام أو تـداخـل ما لا يـقـل عـن أربـعـة مجمـوعات من المجــرات. وقـد وقـع هذا التصادم على امـتداد فـتـرة من الزمـن تـزيـد عن ثلاثمائة وخمـسين “350” ملـيـون سنة، وقـد تـم خـلالها تحـريـر كمـيات هـائلة من الغـاز، بالإضافـة إلى ما يـسـمـى بـ : “المـادة السـوداء أو المادة المظلمة”، تلك المـادة الغـامـضة التي لا نـعـرف عـنـها الشيء الكثـير، إلا أنـها مـادة غـير مـرئيـة، ولكنها مـادة مـوجـودة ويمـكن اكـتـشافـها من خـلال مـا تـتمـيز بـه من الكـتلـة الهـائـلة جـدا، إلى درجـة أنـها تـؤثـر في استـقامـة مـسـار الضـوء المـار بالقـرب مـنـها، بحـيث يـصيـر مـسـارا منـحـنـيا، نـظـرا للتـأثـر بما يـسمـى “عـدسـة الجـاذبـيــة”.

إن عـلـماء الفـيزيـاء الفلكـيـة يـقـدرون مـوضع مجـمـوعـة بـانـدورا بالنـسـبـة إلى الأرض بمـسافـة 3.3 ملـيار سنـة ضوئـية، وهـذا يـعـني أن الصورة التي نـراها اليـوم لمجـمـوعـة بـانـدورا ، إنـمـا هي صورة المجمـوعـة كـمـا كانـت مـنـذ 3.3 ملـيار سنـة، (قـارن مـع : عمـر الكـون – 14 ملـيار سنة، عمـر النظام الشمسي – 4.6 مليار سنة، وعمـر “ظهـور” الحـياة على الأرض – 3.7 مليار سنة). ومن المـستـحيل عـلينا اليـوم معـرفـة مـا علـيـه الآن حـال تلك المجـمـوعــة!

إن مجـمـوعـة بـانـدورا كما نـراهـا اليـوم تضـم عــددا لا يحـصى من المـجـرات، وفي كل مـجـرة من تلك المـجـرات يوجـد ما لا يقـل عن الـملـيار من النـجـوم. والكـتـلة الإجـمالـيـة لهـذه المجـمـوعـة تـسـاوي بالتـقـريـب حـوالي 1000 مـرة من كـتـلـة مجـرتـنا المـسـماة “درب التـبانـة”. ومع ذلك، فإن المـادة المـوجـودة في النـجـوم لا تـمـثـل إلا 5٪ فقط من هذه الكـتلة الكبـيرة. و20٪ من تلك الكتلة مـوجـود في حـالـة غـازيـة، وأما 75٪ مـن الكتلة المتـبقـية فمـوجـود في شكل ما يـسـمى بالمـادة السـوداء أو المادة المظلـمـة. وللعلـم فإن الغـازات المـذكـورة سـاخـنـة جـدا بحـيـث أنـها تـشـع مـع الأشـعـة السينـية (أي أنها تعكسـها). وهذه المناطـق الغازيـة يـتـم تلـوينها في الصورة باللـون الأحـمـر، كـمـا يـتـم تلـوين المـادة السـوداء باللـون الأزرق.

إن هـذا الكـون الذي نعيـش فـيه ، بما يضم من المجـرات والنجـوم الكـثـيرة، والتي تـم تجـمـيعـها كمـثـل الرمال على الشواطئ، يـذهـلـنا بـشـدة اتـسـاعـه وامـتـداده الذي لا نهايـة لها في المنـظور الظاهـري، ولكنـه أيضا يـثـير الدهـشـة والإعـجـاب بما فـيه من الجـمال الجـذاب وغـير المألـوف.

ويـا لها من فـرصة بـديـعـة للاستمـتاع بهذا الجـمـال المـتـألق، والإعـجـاب بـعـظـيم صنـع الله تعـالى، بالإضافـة إلى التـأمـل والتدبـر فيما يقـوله الخالـق البارئ لهـذا الكون: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْـتِلَافِ اللَّيْـلِ وَالنَّـهَارِ لَآيـَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُـرُونَ اللَّهَ قِـيَامًا وَقُـعُـودًا وَعَلَى جُـنُوبِـهِمْ وَيَـتَـفَكَّـرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّـنَا مَا خَلَـقْـتَ هَذَا بَـاطِلًا سُبْحَانَكَ فَـقِـنَا عَـذَابَ النَّارِ * رَبَّـنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْـتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّـنَا إِنَّـنَا سَمِـعْـنَا مُـنَادِيًا يُـنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِـنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَـنَّا رَبَّـنَا فَاغْـفِـرْ لَنَا ذُنُـوبَـنَا وَكَـفِّـرْ عَـنَّا سَيِّـئَاتِـنَا وَتَوَفَّـنَا مَـعَ الْأَبْـرَارِ * رَبَّـنَا وَآتِـنَا مَا وَعَـدْتَـنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُـخْـزِنَا يَوْمَ الْقِـيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُـخْلِـفُ الْمِـيعَادَ).
سورة آل عمـران، الآيات: 190-194